الجهات الخمس ::
موعظة لص !
خالد السليمان |
بوجه صفيق اقتحم جلستنا، فورا اتجه إلى صدر المجلس، فهو على قناعة أن قيمة الإنسان الاجتماعية من قيمته المالية، ركز عصاه المطعمة بالفضة لينحسر كمه عن ساعته المرصعة بالألماس، ثم أطلق العنان للسانه ليتولى زمام الحديث وكأنه سيد المكان والزمان !!
الأخ مسؤول سابق ومليونير حالي، كان لصا ومازال لصا، مثله في الدول الأخرى ينعزل عن الحياة العامة ليختفي في الحياة الخاصة، يهرب من المجالس الاجتماعية المفتوحة التي تعري الناس وتجلدهم بسياط النقد إلى مجالس أهل المال والأعمال التي لا صوت فيها يعلو على صوت الصفقات وتبادل المنافع والمصالح، لكنه يصر على أن يرتاد المجالس العامة بحثا عن وجاهة لم تؤمنها له وظيفته العامة، فلعل ما غنمه منها يوفره له !!
كل من كان في المجلس كان يعرف حقيقته ومصدر ثروته وقيمة معدنه، إلا هو، فقد كان الوحيد المخدوع في ذاته رغم أنه الأعرف بها، فأمثاله يسعون سريعا لنسيان الماضي الأسود للتعايش مع الحاضر الأبيض، طبعا هو أبيض في عيونهم وحدهم لكنه يظل أسود في عيون كل من عرف مسار خطواتهم !!
كان يمكن لتلك الأمسية أن «تعدي» على خير لو أنه اكتفى بصدارة المجلس وعصا الفضة «المركوزة» وساعة الألماس «المرزوزة»، وأطبق على لسانه، لكنه لم يفعل، فقد بدأ يلقي المواعظ في الأمانة والمسؤولية والوطنية، فكان لا بد وأن يتلقى من بعض الحضور موعظة خشنة تهوي على رأسه كما لو أنها عصاه الغليظة !!
كم يؤلمني أن يجلس الأمناء والمخلصون في أطراف بعض المجالس، واللصوص يتصدرونها !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق