أثبتت شرطة جدة أمس أن الشخص الموقوف بشعبة التحريات والبحث الجنائي والمشتبه في ارتكابه جرائم الاعتداء على الفتيات القاصرات اللواتي لم تتجاوز أعمارهن 10 سنوات هو نفسه الشخص الذي ارتكب الجرائم العديدة، بعد أن تطابقت تحاليل الحمض النووي” DNA” مع تحاليل الشخص، إضافة إلى تعرف 7 فتيات عليه وتعرف 5 أخريات على المقتنيات التي تم العثور عليها داخل المنزل، وكان من بينها “الشيشة” وشاشتي ”البلازما” وجهاز كمبيوتر مكتبي وسجاد المنزل؛ إضافة إلى تعرف “شاهد عيان” قد رصد الشخص من قبل وإحضار ذوي إحدى الفتيات التي لم يتمكن من اختطافها للتعرف عليه ليؤكد الجميع أنه هو من حاول اختطاف ابنتهم .
ونجح رجال الأمن في كشف ”المتهم” وإلقاء القبض عليه والتأكد من تورطه في الجرائم التي ارتكبها على مدار 3 سنوات الماضية والتي كان أولها في عام 1429هـ وآخرها الشهر الماضي .
وأثبتت تحاليل الحمض النووي التي تم رفعها في القضية لمعرفة علاقة المشتبه فيه بالجرائم التي تم ارتكابها بحق الفتيات تطابقا متكاملا وأكدت النتائج أن “المتهم” البالغ من العمر 42 عاما استدرج 13 فتاة أعمارهن بين 6 - 10 سنوات والاعتداء عليهن بمنزله الذي يسكنه بحي الأجاويد ، فيما تعرفت 7 فتيات من الضحايا عليه ، وخمس أخريات على المنزل الذي كان يحضرهن إليه وهو شقته التي يسكنها بالعمارة السكنية التي يملكها والده .
وأوضح الناطق الإعلامي لشرطة جدة بحسب المدينة انه تم إيقاف شخص عمره 42 عاما على خلفية قضايا اختطاف فتيات والاعتداء عليهن وأن التحقيقات والأدلة أثبتت بأن المشتبه به هو “المتهم“ مشيرا إلى أنه سيتم إكمال التحقيقات وإحالة القضية إلى الجهات المعنية لإكمال الإجراءات .
أولى الجرائم
كانت أولى الجرائم التي ارتكبها ”المتهم” في منتصف عام 1429هـ عندما تمكن من إقناع إحدى الفتيات التي لم تتجاوز التاسعة من عمرها وأشعرها بان مقتنيات لديه تخص العروس ويطلب من الفتاة أن توصل لها تلك المقتنيات لتنطوي حيلته على الفتاة المغلوبة وتسير خلفه إلى سيارته ويقوم بإركابها والانطلاق بها إلى منزله بعد أن قام بإيصال زوجته وأطفاله إلى منزل زوج والد زوجته ويقوم بالاعتداء على الطفلة دون أي رحمة أو شفقة ومن ثم التخلص منها بإعادتها والتخلص منها في منطقة أخرى بعيدة ، وكانت أول القضايا التي تم تسجيلها في ذلك العام ، وتوقف الجاني عن ارتكاب أي جريمة أخرى بعدها ولفترة طويلة .
معاودة الجريمة
وفي عام 1430 هـ سجلت أقسام شرطة جدة وخاصة الجنوبية 7 حالات اختفاء لفتيات ومن ثم العثور عليهن بعد الاعتداء عليهن من قبل ذلك ”المتهم” مما شكل ظاهرة أثارت الرعب في نفوس أهالي جدة ، وتم في حينه البدء في تكثيف العمل الأمني من قبل رجال الأمن وتكثيف التحريات غير أن قلة المعلومات التي توافرت لم تكن كافية للوصول إلى الجاني ليتم الربط بين حادثة عام 1429هـ والحوادث السبعة حيث أشارت المعلومات بأن الجاني كان يستخدم نفس الأسلوب الإجرامي ، وهو ما دفع مدير شرطة جدة إلى تشكيل فريق أمني والحث على مضاعفة الجهد وبذل المزيد لكشف الجاني وتقديمه للعدالة ، وبدأ رجال الأمن في جمع المعلومات والانتقال إلى مواقع اختفاء الفتيات التي كان من بينها أحد المراكز التجارية بجنوب جدة التي رصدت شخصا يتجول بطريقة مريبة دون أن ترافقه أية عائلة وكان يتحدث إلى الفتيات صغار السن ليقدم أحد العاملين بالمركز معلومات حول الشخص الذي كان يتردد على المركز إلا انه اختفى عن الأنظار فجأة ، وذلك بعد قيامه بالتغرير بفتاتين من المركز والاعتداء عليهن ثم ابتعد بعدها عن الحضور إلى المركز ، ورجع رجال الأمن للعودة إلى كاميرات المراقبة في المركز التي لم تقدم صورا واضحة للمشتبه به ، غير أن ذلك لم يقلل من عزيمة رجال البحث في متابعته والترصد له .
تحليل شخصيته نفسيا
وعمد رجال الأمن إلى تحليل شخصية “المتهم” الذي لم يتم الوصول إليه لقلة المعلومات وعدم توفر أي معلومات يمكن من خلالها الوصول إليه ليحدد احد الاستشاريين النفسيين لرجال الأمن شخصية وطباع مرتكب مثل هذه الحوادث وسلوكه اليومي ، وألمح المستشار النفسي أن مثل هذا الشخص قد يكون موظفا في مكان جيد ووظيفة مرموقة وان علاقته بالآخرين جيدة ولا يعاني من أي مشاكل أو اضطرابات نفسيه ولديه القدرة في اختيار ضحيته دون لفت الانتباه وقد يكون هذا الشخص ممن يتعاطون الكحوليات ولديه قدره في التفكير بشكل مترابط , تلك المواصفات جعلت رجال الأمن يركزون في عمليات التحريات والبحث طوال عام 1430هـ وكان ” المتهم” بعد ارتكابه لسبع جرائم قد توقف عن مواصلة فعلته لفترة حيث لم تسجل في عام 1431هـ إلا حادثة واحدة كانت وتم جمع المعلومات حولها وكانت بنفس الأسلوب الإجرامي حيث سجل قسم شرطة بجنوب جدة بلاغا في الحادثة لتتركز أعمال التحريات في الجريمة في المراكز التجارية والمرافق العامة بجنوب جدة .
الضحية المريضة
ولم يشفع مرض إحدى الفتيات لها أمام مخططه الإجرامي ، وذلك عندما أحضر والد الفتاة ابنته التي تبلغ من العمر 10 سنوات إلى أحد مستشفيات شرق جدة ، وكان ”المتهم” يبحث عن إحدى ضحاياه ولم يجد أمامه إلا تلك الفتاة التي كانت تعاني من ارتفاع شديد في درجات الحرارة، وتمكن من التغرير بها وحاجتها لنقلها لمستشفى آخر حتى استطاع أن يخرجها برفقته دون أن تعرف حقيقته، ثم ما لبث أن ارتكب جريمته ”البشعة” وتخلص منها دون أن يشعر بأنه بمرارة الذنب الذي فعله .
3 جرائم جديدة
وواصل ”المتهم” ارتكاب جرائمه ففي بداية عام 1432هـ عاد لاختطاف أحد ضحاياه عندما تربص بفتاة عمرها 7 سنوات وهي ابنة “وافد عربي”، وحضرت برفقة أسرتها لحفل زفاف بإحدى قاعات الأفراح ليتمكن من التغرير بالفتاة ويركبها بسيارته ، إلا انه لم يتمكن من مغادرة الموقع بسبب إغلاق الممرات بسيارات أخرى لتلاحظ الأسرة اختفاء ابنتهم وتبدأ في البحث عنها ليرشد الأطفال إلى السيارة التي تم إركاب الفتاة فيها وهناك تعرض الجاني لضرب مبرح من قبل الحضور الذين لم يعمدوا إلى إبلاغ الجهات الأمنية في حينه ، وكشف المحققون الحادثة التي لم تسجل من خلال التحريات والتحقيقات التي كان يقوم بها رجال البحث بجدة .
تسجيل أقوال آخر الضحايا
وسجلت الجهات الأمنية بجدة في الأشهر الماضية 3 بلاغات من نفس النوع ، أشارت إلى اختفاء الفتيات ومن ثم العثور عليهن بعد الاعتداء عليهن بطريقة وحشية” ليضاعف رجال الأمن من عمليات البحث وجمع المعلومات والاستماع لإفادات الضحايا ، واحضر رجال الأمن آخر الضحايا والتي كانت طفله لم تتجاوز 7 أعوام حددت في حينه أوصاف الجاني وكذلك أسلوبه الذي استخدمه معها كما حددت أوصاف المنزل وما يحويه من مقتنيات والتي كانت متطابقة مع الأوصاف التي تم تسجيلها من الضحايا السابقين , وعندها ثبت بان الجاني هو نفس الشخص ليتم جمع اكبر قدر من المعلومات ، بعد أن أكدت الضحية الأخيرة أن المدة التي استغرقها الجاني من لحظة مغادرة الموقع الذي اختفت فيه إلى المنزل لم تتجاوز 10 دقائق وكان ذلك في جنوب جدة .
الوصول إلى الجاني
كثف رجال التحريات من عمليات البحث والتحري وعمدوا إلى إعداد خطة أمنية لتحديد منزل المشتبه فيه وتم تقسيم جنوب جدة إلى مربعات والبدء في تمشيط كامل المنطقة بهدف تحديد الموقع ويتم نشر العديد من المخبرين السريين ورجال البحث حيث رجحت المعلومات أن يكون منزل الجاني في محيط حي الإسكان لتكرر الحوادث في تلك المنطقة بين فترة وأخرى لتثمر تلك الجهود في الوصول إلى منزل احد المواطنين تطابقت الأوصاف معه تماما وهنا تم إخضاع الموقع للمراقبة الدائمة من قبل فرق البحث والتي تابعت كل صغيرة وكبيرة حتى لاحظ رجال الأمن احد سكان العمارة يغادر المنزل ويده دائما في جيبه وهي صفة ذكرنها العديد من ضحايا “المتهم” لتكون مثار الشكوك ويواصل رجال الأمن تحرياتهم حول المشتبه فيه حتى تم إيقافه أمام المنزل ونقله على الفور لإدارة التحريات والبحث الجنائي الذي أثبتت تورطه في الجرائم من خلال الأدلة والقرائن التي تم جمعها ضد الضحية .
الأدلة والقرائن
جمع رجال الأمن العديد من الصور التي لم تكن واضحة بشكل جيدة من خلال كاميرات المراكز التجارية التي شهدت اختفاء العديد من الفتيات والتي أظهرت إحدى الصور سير فتاة لا تتجاوز 7 سنوات خلف “المتهم”، كما رصدت كاميرا المستشفى الذي اختفت منه إحدى الفتيات تحركات لشخص يحمل نفس الأوصاف وكان يتنقل في ممرات المستشفى بحثا عن ضحيته ، ولم تكن تلك المعلومات كافية لإدانته .
تعرف الضحايا عليه
وعلى الرغم من محاولة ”المتهم” الإنكار والتهرب من تلك الجرائم إلا أن رجال التحريات لم يدعوا لذلك مجالا حيث تم إحضار 7 فتيات من ضحاياه ، وتعرفن جميعا عليه وأكدن أن من قام باختطافهن هو نفسه وأنه هو من اعتدى عليهن ، فيما انتقلت فرق الأمن إلى منزل الجاني حيث تعرف 5 من الضحايا على المحتويات والمقتنيات الموجودة بالمنزل التي كان من بينها أرجيلة ”شيشة ” ضخمة الحجم كانت بداخل المنزل وهي ما ذكر في البلاغات حول وجود الشيشة في المنزل ، كما تعرفن على شاشات “البلازما” التي كانت الأولى بإحدى الغرف والأخرى بالصالة وكذلك جهاز الحاسب الآلي المكتبي والتي ذكرت جميعها في المعلومات التي أدلين بها الضحايا خلال الاستماع إلى أقوالهن بعد الاعتداء عليهن .
وتوصل رجال الأمن إلى إحدى المركبات التي استخدمها الجاني في عمليته والتي كان قد باعها قبل عامين حيث تم إحضارها من قبل رجال البحث من مالكها الحالي في الرياض لتتعرف أولى الضحايا على السيارة وتؤكد بأنها نفس السيارة التي استخدمها الجاني في تلك الحادثة .. ولم يكتف رجال الأمن بذلك واحضروا “شاهد عيان” كان قد سجل إفادته حول تواجد شخص داخل المركز واختفائه بعد وقوع حادثتي اختطاف لطفلتين ليعرض المشتبه به على الشاهد ويؤكد بأن الموقوف هو فعلا من كان يتردد على المركز ولم يظهر بعد الحادثتين ، وهنا اختتم رجال الأمن أدلتهم بإجراء تحاليل حمض DNA والتي تم جمعها من الحوادث السابقة والتي أثبتت النتائج تطابق النتائج مع عينات المشتبه فيه ، وأكدت تورطه في الجرائم التي هزت وروعت أهالي وفتيات جدة .
تغيير السيارات
وكان ”المتهم” يعمد إلى تغيير سيارته التي يستخدمها في الجرائم ، ويبادر على الفور إلى بيع السيارة التي يستخدمها في حادثتين على الفور ؛ حتى لا يتم التعرف عليه والوصول إليه غير أن رجال الأمن ألقوا القبض عليه وأعادوا سيارة كان قد استخدمها في أول جريمة له، وتخلص منها وبيعها لأحد الأشخاص وتم إحضارها من الرياض كما تم إحضار السيارة الأخيرة التي استخدمها في اختطاف طفلة من احد قاعات الأفراح بجنوب جدة ، وكان الجاني يعمد إلى إحضار الضحايا إلى منزله الذي يسكنه مع عائلته المكونة من زوجته و 4 بنات وولدين ، ويقوم بإيصال أسرته لأحد أقاربه نهاية كل أسبوع ليبقى المنزل خاليا من أفراد أسرته .
جهود ثلاث سنوات
العمل الأمني تجاه هذه القضية كان متواصلا طوال ثلاث السنوات الماضية ، وتولى مدير شرطة جدة اللواء علي بن محمد السعدي الغامدي، المتابعة اليومية والمستمرة لسير التحريات للجاني التي اشرف عليها مدير شعبة التحريات والبحث العميد محمد الخماش، فيما قاد الفريق الأمني في العمل الميداني والتحريات السرية المقدم عيضة المالكي مساعد مدير شعبة التحريات والبحث الجنائي، والرائد سلطان المالكي رئيس وحدة العرض والأخلاق ، والرقيب سالم بن علي الزهراني، والرقيب احمد الزهراني .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق